Kamis, 20 Januari 2011

المجمل والمفسر

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم .

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده .

إن فى بيان دلالة النص على معناه من حيث الوضوح والإبهام أثر ملحوظ فى تفسير النصوص القرآنية واستنباط الأحكام الشرعية منها . والألفاظ الواردة فى الكتاب العزيز قسمها الأصوليين باعتبار وضوحها فى الدلالة على معنيها ، وما تتضمن من الأحكام التى أرادها الشارع الحكيم منها إلى قسمين ، واضح الدلالة ومبهم الدلالة .

فواضح الدلالة لا يحتاج فى فهم المراد منه إلى أمر خرج عنه ، فهو واضح بنفسه . وله درجات يتفاوت فى مراتبها وليس على درجة واحدة فى وضوح الحكم بل يلاحظ أن بعضها أوضح من بعض . وأقسامه الظاهر والنص والمفسر والمحكم .

وأما مبهم الدلالة يحتاج فى فهم المراد منه إلى أمر خارج عنه ، فهو مبهم غير الواضح . وله درجات يتفاوت فى مراتب إبهامه ، فبعضها أشد إبهاما فى دلالتها على المعنى المراد من البعض الآخر . وأقسامه الخفى والمشكل والمجمل والمتشابه .

ونبحث فى هذه الفرصة المجمل والمفسر ، قسم من واضح الدلالة وقسم من مبهم الدلالة الذى يتعلق أحدهما الآخر فى بيان دلالة النص .

البحث

المجمل والمفسر

أ‌. المجمل

المجمل لغة المبهم والمجموع . واصطلاحاً ما يتوقف فهم المراد منه على غيره، إما في تعيينه أو بيان صفته أو مقداره.[1] ومثاله :

1) ما يحتاج إلى غيره في تعيينه: قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ. (البقرة: 228). فإن القرء لفظ مشترك بين الحيض والطهر، فيحتاج في تعيين أحدهما إلى دليل.

2) ما يحتاج إلى غيره في بيان صفته: قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاة. (البقرة: 43)، فإن كيفية إقامة الصلاة مجهولة تحتاج إلى بيان.

3) ما يحتاج إلى غيره في بيان مقداره: قوله تعالى: وَآتُوا الزَّكَاةَ. (البقرة: 43) ، فإن مقدار الزكاة الواجبة مجهول يحتاج إلى بيان.

وقال إمام الحرمين المجمل ما افتقر إلى البيان . والبيان إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التجلي.[2] وقال الدكتور عبد الوهاب خلاف أن المراد بالمجمل في اصطلاح الأصوليين هو اللفظ الذي لا يدل بصيغته على المراد منه، ولا يوجد قرائن لفظية أو حالية تبينه، فسبب الخفاء فيه لفظي لا عارض. فمن مجمل الألفاظ التي نقلها الشارع عن معانيها اللغوية ووضعها لمعان اصطلاحية شرعية خاصة، كألفاظ الصلاة والزكاة والصيام والحج والربا، وغير هذا من كل لفظ أراد به الشارع معنى شرعياً خاصاً لا معناه اللغوي.[3]

فكل لفظ لا يفهم المراد منه بنفسه بسبب وضعه لغة لأكثر من معنى إذا حفت به قرائن يمكن أن يتوصل بها إلى تعيين المراد منه فهو المشكل. وكل لفظ لا يفهم منه المراد بنفسه إذا لم تحف به قرائن يتوصل بها إلى فهم المراد منه فهو المجمل.

فسبب إجمال اللفظ :[4]

1) أن يكون من المشترك الذي لا تحف به قرينة تعين أحد معانيه،

2) أو إرادة الشارع منه معنى خاصاً غير معناه اللغوي،

3) أو غرابة اللفظ وغموض المراد منه.

والمجمل بأي سبب من هذه الأسباب الثلاثة لا سبيل إلى بيانه وإزالة إجماله وتفسير المراد منه إل بالرجوع إلى الشارع الذي أجمله، لأنه هو الذي أبهم مراده ولم يدل عليه لا بصيغة لفظية ولا بقرائن خارجية، فإليه يرجع في بيان ما أبهمه.

وإذا صدر من الشارع بيان للمجمل ولكنه بيان غير واف بإزالة الإجمال صار به المجمل من المشكل، وفتح الطريق للبحث والاجتهاد لإزالة إشكاله، ولم يتوقف بيانه على الرجوع إلى الشارع، لأن الشارع لما بين ما أجمله بعض التبيين فتح الباب للبيان بالتأمل والاجتهاد. ومثال ذلك الربا، ورد في القرآن مجملاً وبينه الرسول بحديث الأموال الربوية الستة، ولكن هذا البيان ليس وافياً لأنه لم يحضر الربا فيها، وبهذا فتح الباب لبيان متى يكون فيه الربا قياسا على ما ورد في الحديث.

وذكر السيوطى قول ابن الحصار فى المجمل والمحتمل أن المجمل اللفظ المبهم الذي لا يفهم المراد منه, والمحتمل اللفظ الواقع بالوضع الأول على معنيين مفهومين فصاعدا, سواء كان حقيقة في كلها أو بعضها. والفرق بينهما أن المحتمل يدل على أمور معروفة, واللفظ مشترك متردد بينهما. والمبهم لا يدل على أمر معروف، مع القطع بأن الشارع لم يفوض لأحد بيان المجمل, بخلاف المحتمل.[5]

وحكم المجمل أنه يجب الطلب المراد منه من صاحب الشرع ، أو بالبحث عن القرائن الشرعية التى تبينه وتكشف إبهامه . فإذا لم يكن هناك سبيل إلى الوصول إلى معرفة المعنى المراد ، فإنه يجب التوقف فيه إلى أن يتبين المراد منه .[6] ولا بد منه التعيين بالدليل كما بيّن العام بالخاص، والمطلق بالمقيد، لأن مجموعهما هو المحكم .[7]

والنبي صلّى الله عليه وسلّم قد بيَّن لأمته جميع شريعته أصولها وفروعها، حتى ترك الأمة على شريعة بيضاء نقية ليلها كنهارها، ولم يترك البيان عند الحاجة إليه أبداً. وبيانه صلّى الله عليه وسلّم إما بالقول، أو بالفعل، أو بالقول والفعل جميعاً.[8]

ب‌.المفسر

هو من فَسَرَ- يُفسِرُ- فسرا الأمر أي اوضحه ولينه .[9] وقال محمد بن صالح العثيمين فى تعريف المبيَّن لغة هو المظهر والموضح. واصطلاحاً ما يفهم المراد منه، إما بأصل الوضع أو بعد التبيين.[10] ومثاله :

1) ما يفهم المراد منه بأصل الوضع كلفظ سماء أو أرض أو جبل أو عدل أو صدق ، فهذه الكلمات ونحوها مفهومة بأصل الوضع، ولا تحتاج إلى غيرها في بيان معناها.

2) ما يفهم المراد منه بعد التبيين قوله تعالى: وَآتُوا الزَّكَاةَ. (البقرة: 43) ، فإن الإقامة والإيتاء كل منهما مجمل، ولكن الشارع بيَّنهما، فصار لفظهما بيِّناً بعد التبيين.

وفي اصطلاح الأصوليين هو ما دل بنفسه على معناه المفصل تفصيلاً لا يبقى معه احتمال للتأويل. فمن ذلك، أن تكون الصيغة دالة بنفسها دلالة واضحة على معنى مفصل، وفيها ما ينفي احتمال إرادة غير معناها، كقوله تعالى في قاذفي المحصنات: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً. (النور:4) ، فإن العدد المعين لا يحتمل زيادة ولا نقصاً، وقوله تعالى: وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً. (التوبة:36) ، فإن كلمة كافة تنفي احتمال التخصيص، وكثير من مواد العقوبات التي حددت العقوبات على جرائم معينة، ومواد القانون المدني التي حصرت أنواعاً من الديون أو الحقوق أو فصلت أحكاماً تفصيلاً لا احتمال معه للتأويل.[11]

ومن ذلك أن تكون الصيغة قد وردت مجملة، وألحقت من الشارع بيان تفسيري قطعي أزال إجمالها، وفصلها حتى صارت مفسرة لا تحتمل التأويل، كقوله تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ. (البقرة:43)، وكقوله : وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ. (آل عمران: 97)، وكقوله تعالى: وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا. (البقرة:275) ، فالصلاة والزكاة والحج والربا، كل هذه ألفاظ مجملة لها معان شرعية لم تفصل بنفس صيغة الآية. وقد فصل الرسول معانيها بأفعاله وأقواله ، فصلى وقال: صلي كما رأيتموني أصلي ، وحج وقال : خذوا عني مناسككم ، وحصل الزكاة وفصل الربا المحرم. وهكذا كل مجمل في القرآن، مكملً له مادام قطعياً، وهذا ما يسمى في الاصطلاح الحديث: التفسير التشريعي، أي الذي مصدره الشارع نفسه، فإن الرسول أعطاه الله سلطة التفسير والتفصيل بقوله سبحانه: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ. (النحل:44).

وحكم المفسر أنه وجوب العمل بما دل عليه قطعا حتى يقوم الدليل على نسخه ، ولا يقبل التأويل ولا التخصيص بل يقبل النسخ ، ومالم يقم الدليل على النسخ فوجوب العمل بالمفسر قائم .[12]

فالتفسير الذي ينفي احتمال التأويل هو التفسير المستفاد من نفس الصيغة، أو المستفاد من بيان تفسيري قطعي ملحقٌ بالصيغة صادر من المشرع نفسه، لأن هذا البيان من القانون. وأما تفسير الشراًح والمجتهدين، فلا يعتبر جزءاً مكملاً للقانون ولا ينفي احتمال التأويل، وليس لأحد غير الشارع نفسه أن يقول فيما يحتمل التأويل المراد منه هو كذا لا غير.

ويظهر من مقارنة التفسير بالتأويل، أن كلاً منهما تبيين للمراد من النص، ولكن التفسير تبيين للمراد بدليل قطعي من الشارع نفسه، ولهذا ليحتمل أن يراد غيره. [13]

الخاتمة

الخلاصة :

تضمن الألفاظ الواردة فى الكتاب العزيز من الأحكام التى أرادها الشارع الحكيم منها إلى قسمين ، مبهم الدلالة الذي يحتاج فى فهم المراد منه إلى أمر خارج عنه و واضح الدلالة الذي لا يحتاج فى فهم المراد منه إلى أمر خرج عنه .

ومن مبهم الدلالة المجمل ، تعريفه لغة المبهم والمجموع . واصطلاحاً ما يتوقف فهم المراد منه على غيره، إما في تعيينه أو بيان صفته أو مقداره . وحكمه يجب الطلب المراد منه من صاحب الشرع ، أو بالبحث عن القرائن الشرعية التى تبينه وتكشف إبهامه . فإذا لم يكن هناك سبيل إلى الوصول إلى معرفة المعنى المراد ، فإنه يجب التوقف فيه إلى أن يتبين المراد منه .

أما من واضح الدلالة المفسر أو المبين ، تعريفه لغة المظهر والموضح . واصطلاحاً ما يفهم المراد منه، إما بأصل الوضع أو بعد التبيين. وحكمه وجوب العمل بما دل عليه قطعا ، ولا يقبل التأويل ولا التخصيص بل يقبل النسخ .

المراجع والمصادر

السيوطى ، الإتقان فى علوم القرآن ، دار الكتب العلمية ، بيروت – لبنان ، الطبعة الثالثة ، 2010 م .

الشاطبي ، الموافقات ، دار ابن عفان ، الطبعة الأولى ، 1417هـ - 1997م ، المكتبة الشاملة.

المنجد فى اللغة والأعلام ، دار المشرق ، بيروت – لبنان ، الطبعة التاسعة والثلاثون ، 2002 .

خالد عبد الرحمن العك ، أصول التفسير وقواعدها ، دار النغائس ، بيروت – لبنان ، الطبعة الثانية ، 1406 هــــ- 1986 م .

عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني ، الورقات ، المكتبة الشاملة .

عبد الوهاب خلاف ، علم أصول الفقه ، مكتبة الدعوة - شباب الأزهر ، المكتبة الشاملة .

محمد بن صالح العثيمين ، الأصول من علم الأصول ، دار ابن الجوزي ، 1426هـــــــ ، المكتبة الشاملة .



[1] محمد بن صالح العثيمين ، الأصول من علم الأصول ، دار ابن الجوزي ، 1426هـ ، المكتبة الشاملة ، ص 43.

[2] عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني ، الورقات ، المكتبة الشاملة ، ص 18.

[3] عبد الوهاب خلاف ، علم أصول الفقه ، مكتبة الدعوة - شباب الأزهر ، المكتبة الشاملة ، ص 173.

[4] كما سبق ، ص 173.

[5] السيوطى ، الإتقان فى علوم القرآن ، دار الكتب العلمية ، بيروت – لبنان ، الطبعة الثالثة ، 2010 م ، ص 338.

[6] خالد عبد الرحمن العك ، أصول التفسير وقواعدها ، دار النغائس ، بيروت – لبنان ، الطبعة الثانية ، 1406 هــــ- 1986 م ، ص 354.

[7] الشاطبي ، الموافقات ، دار ابن عفان ، الطبعة الأولى ، 1417هـ - 1997م ، المكتبة الشاملة ، ج 3، ص 328.

[8] محمد بن صالح العثيمين ، المرجع السابق ، ص 44.

[9] المنجد فى اللغة والأعلام ، دار المشرق ، بيروت – لبنان ، الطبعة التاسعة والثلاثون ، 2002 .

[10] محمد بن صالح العثيمين ، المرجع السابق ، ص 43.

[11] عبد الوهاب خلاف ، المرجع السابق ، ص 166-167.

[12] خالد عبد الرحمن العك ، المرجع السابق ، ص 334.

[13] عبد الوهاب خلاف ، المرجع السابق ، ص 166-167.

1 komentar:

  1. Spinner Spinner Tips | Tipster Service - TITIAN ART
    Spinner Spinner Tips. Spinner Spinner tips by remmington titanium Tipster service: TIPSTER. Tienfong Spinner grade 5 titanium – SIN apple watch titanium vs aluminum FET TIE titanium shift knob Spinners, Spinner Spinner revlon titanium max edition tips by Tipster services TIPSTER.

    BalasHapus